جريدة إلكترونية متجددة على مدار الساعة : الدقة في الخبر

مامعنى انتمائي للوطن؟

0

بقلم : طارق رمضان

وطني لو شُغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي. أمير الشعراء أحمد شوقي

أحببت أن أدبج مقالي ببيت شعري ، فليس هنالك أبلغ من الشعر لإيصال الأحاسيس ،خصوصا التي تتعلق بقضية كبيرة كالوطن .

ماهو الوطن؟أهو رقعة جغرافية أم إقليم كما يعرفه القانون؟أهو مسألة تتعلق بالإيمان كما عرفه الإمام علي رضي الله عنه ؟كثيرة هي التعاريف التي تناولت موضوع الوطن من جميع الزوايا والمقاربات والأرضيات أو الخلفيات .فكلها تتكلم عن شيء واحد بطرق مختلفة .

لما هاجر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة قال : (ما أطيبَك من بلدٍ! وما أحبَّك إليَّ! ولولا أن قومي أخرجوني منك، ما سكنتُ غيرَك))؛ رواه الترمذي.وهذا الحديث يبين بشكل ظاهر تعلقه بموطنه ومسقط رأسه بغض النظر عن محمد الرسول (ص) فهو الإنسان ابن البيئة التي تربى فيها ،وكلنا نشتاق لأوطاننا أو حتى قبيلتنا الصغيرة ببساطتها وأهلها وادق تفاصيلها.

من منا لم يكره وطنه يوما ؟ أو يفكر في هجرته ،ونعطي الأمثلة بما وراء البحار حيث التقدم والعلم رغم أن السبب في هذا الكره يتعلق بالظروف الإقتصادية أو السياسية وسلوكات القائمين عن أحواله ،فهذا خلط بين الوطن (التراب ،الماء،الهواء…) والدولة (المؤسسات ،السؤولون،السياسيون ،خدام الدولة…) وكل ماتقع حادثة عارضة نبدأ في شتم الوطن .ولكن من منا طرح السؤال التالي : من المسؤول عن تأخرنا وتقدم غيرنا؟ وبالمناسبة هذا السؤال طرحه أمير البلاغة الأديب المفكر شكيب أرسلان أزيد من قرن في البحث عن أسباب ضعف المسلمين وتقدم غيرهم  في شتى المجالات،لا أود الإغراق في موضوع كبير طويل يحتاج دراسات ومقالات ومدارسات  سال فيه مداد رواد النهضة ،ولكنني أريد توجيه اللوم لأنفسنا ،لا تحملوا الوطن أكثر مما ينبغي ،لا تلوموا الوطن ولكن اللوم كل اللوم علينا جميعا .

فماهو الوطن؟أليس أنا وأنت ؟عمال ،موظفون ،تلاميذ،طلبة،مثقفون،أميون،سياسيون ،لا منتمون؟أليس الوطن هو كل هذه التشكيلة المتكاملة والمتناقضة في نفس الوقت؟إذن من يتحمل النجاح والإخفاق؟أليست النخب التي تسير الوطن ،المواطنون الذين يختارون هذه النخب وأحيانا لا يختارونهم ،بسبب انسحاب كتلة كبيرة من المجتمع تعرف بالكتلة الصامتة التي “تسب الملة وتأكل الغلة” اختارت أن لا تختار من يمثلها بسبب أو بدون سبب،بسبب أن لا احد يصلح لتحمل المسؤولية ،وبدون سبب أحيانا وهذا تقصير وإهمال ولا مبالاة وغيبوبة مكانية وزمانية.

الوطن لا يحتاج وصفات من الخارج ،لا يحتاج مدونات فرنسا وألمانيا وإنجلترا ،لايحتاج برامج القارة العجوز.الوطن يحتاج شبابه الذي يركب قوارب الموت قبل الفجر ،يحتاج كل قطرة عرق تتصبب خلف البحار لتساهم في تنمية من كان بالأمس يستعمر بلداننا ويقتسمها أجزاء وينهب خيراتنا،الوطن يحتاج كل احزابه إسلامية ويسارية وليبرالية …يحتاج تذويب الخلافات على صفيح الحب والأمل في غد أفضل نسترجع فيه أمجاد الماضي .

وأختم بقول الشاعر : بلادي وإن جارت علي عزيزة … وأهلي وإن ضنوا علي كرام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!