جريدة إلكترونية متجددة على مدار الساعة : الدقة في الخبر

رجاء اتباتوا تقدم قراءة في رواية ساعة الصفر لعبد المجيد سباطة

0

يشير الغلاف انطلاقا:تصدر الصورة لوصف واضح لساعة يدوية أو حائطية تشير الى منتصف الليل ويدعمها عنوان غامض ساعة الصفر يلفت انتباه
القارئ ويفتح قريحته لطرح تساؤلات عديدة :

هل توقف الساعة في لحظة الزمان والمكان يعني حتما النهاية أي توقف- الحياة أو بمعنى أدق الوفاة أو الموت

هل توقف الساعة في لحظة الزمان والمكان للمساءلة والمراجعة -والمحاسبة
– هل توقف الزمان والمكان للتدبر في ملكوت السماوات والأرض حيث -الجمال يقتضي التفرد والتفكير ومخاطبة العقل لإدراك أسرار الكون، أسرار الوجود من أجل التبصر والاهتداء.
هل توقف الساعة في لحظة الزمان والمكان لتخطيط مستقبل من أجل بداية جديدة.
فالغلاف نفسه يصدر تساؤلات عدة تطلق العنان لخبايا النفس والعقل والروح وهي أساسا مكونات الانسان للتجوال في الماضي والحاضر والمستقبل وهي تبدو كلها تساؤلات مشروعة مادامت موجهة ومخاطبة الانسان.
وهده التساؤلات المطروحة هي دعوة مفتوحة ومحفزة لمعرفة خبايا وأحداث الرواية و تدفع القارئ الى قراءتها وتتبع أحداثها في شكل مشوق وهدا مقصد الغلاف وعنوان الرواية و قد كان موفقا في هدا الاختيار.


قراءة في رواية ساعة الصفر لعبد المجيد سباطة

ساعة الصفر رواية تضمنت أجزاء ثلاثة:
الجزء الأول: ولادة
الجزء الثاني: تيه
الجزء الثالث: موت
تناول كل جزء منها فصولا متعددة ( 10 فصول) تتقاطع في الزمان والمكان والأحداث والأشخاص بأدوارهم المختلفة قصدا في التعبير برموز مختلفة واشارات قوية ورسائل خفية لكل مرحلة من مراحل الانسان في كينونته وسيرورته الوجودية وقد عمدت الرواية أو الراوي الى تقديم وختم الرواية بعنوانين فيهما سر الرواية الدي يضفيه وجود الانسان وعنوانه وأهدافه الوجودية
عنون التقديم: ما قبل البداية وقد تكون النهاية.
وعنون الخاتمة: ما بعد النهاية وقد تكون البداية.
وما يستقره القارئ من العنوانين وبعد تصفح الرواية وتتبع الأحداث واتمام القراءة أن الغاية منهما:
هو طرح فلسفي لتساؤل الانسان عن وجوده وعن كينونته وعن سيرورته وعن أهدافه لمخاطبة النفس والعقل والروح معا لمحاولة في التغيير نحو الجابية الافعال وتحويل القدر المخيف والدامي الى نور الأمل لأمل في العطاء في حب الخير وفي الاستمرار لأمل النجاح ورد في ص 18 (وتحكي عن تجربة انسانية معقدة ورحلة بحث مضنية عن الذات المفقودة ورحلة محفوفة بالمخاطر والهزات النفسية والروحية العنيفة).

رواية ساعة الصفر رواية تشد الأنفاس لقارئها بحيث تتداخل فيها الأحداث بين أماكن عدة وأوقات مختلفة وأوطان عدة وشخصيات عدة يعتقد القارئ بداية انها رواية تؤرخ لأحداث حرب دامية في البوسنة والهرسك ارتبطت أساسا بصنع الخيال العلمي الدقيق الدي يقتضي الوصف والفحص والتحقيق بإجراءات علمية دقيقة واكبتها قوة التشويق وقد أثارها وغداها الخيال وطعمها بحبكة عالية استطاعت خلق حدث الترابط لقضايا انسانية مختلفة التجارب والأوطان لكنها في نفس الزمان عايشها الشخوص بحلوها ومرها لتخلق حدث القوة قوة الانسان في المكان والزمان قوة الهدف قوة المصير.

حدث الترابط في كينونته ووجوده بين مراحل التمرد د والشك والتيه الى مراحل خوض غمار الرحلة للتبصر ولإدراك الرسائل الموجهة ولأخد القرار لبداية جديدة فيها أمل فيها ثبات وفيها حكمة وفيها رسالة نبيلة تدعوا الانسان والانسانية جمعاء الى حل لغزها عبر حبكة منقطعة النظير تتداخل فيها الأحداث عبر الزمان والمكان فيها المزج بين الماضي والحاضر والمستقبل. ورد في الصفحة 18 (تحكي عن تجربة انسانية معقدة ورحلة بحث.)
وفي ص 466 ( عن مدكرات حقيقية عرض فيها تجربة بصدق عفوي وألم ملموس )
ولكن بعد استمرار أطوار القراءة تجد نفسك أمام رواية أقوى وأسمى بأهدافها وفي رسائلها القوية والمحركة لتفكير الانسان في حقيقة وجوده وفي علاقته مع دابته ومع الخرفي ظروف مختلفة فتعدد الاحداث ليس القصد وانما القصد جعل الأحداث سياقا تاريخيا مؤرخا وموثقا لمراحل الانسان في ولادته في كينونته في تيهه في فلسفة حياته وفي اختياراته وفي قراراته ليطرح على نفسه محددات ومجالات الاختيار.
_ أن يكون دلك الانسان الدي يعايش السياق التاريخي عبر الزمان والمكان ويجره القدر بكل تطوراته الى الاستسلام والقبول بالنهاية والتوقف عند نقطة الصفر.
أم أن يكون دلك الانسان الدي يجعل من السياق فرصة لخلق المعجزة وخلق الحدث وأخد القرار لتغيير المسار الدامي والمخيف والقاتل والمحبط الى مسار أقوى وأنبل يدعو الى قوة الشجاعة وقوة البداية من أجل الدعوة الى الخير والى نشر المحبة والى التلاقح مهما اختلفت الأوقات أو الاوطان أو المسميات ليخلق حوارا مفتوحا على الأديان للتعايش والتسامح .
وحيث يكون القرار الصائب تكون دعوة ورسالة الى بداية جديدة تمنح القوة لدى الانسان القوة الايجابية ويورد الراوي ( ان الحقيقة حمالة لأوجه ) ص 471
وتتوسط الرواية رحلة بحث عن حقيقة جدور الانسان ووطنه فتنتصف الساعة في وطننا الحبيب المغرب وفي جبال الاطلس عين اللوح للكشف في هده الرحلة عن حقيقة الهوية والانتماء لتنكشف حقيقة ثابتة ومهمة وهي (أن كل نهاية للإنسان هي في الحقيقة بداية له)

و هي حقيقة أوردها الراوي ليثبت بها أهمية قدرة الانسان في تنمية الذات الانسانية بحكمة و تبصر لتجاوز الصعاب من اجل خلق التميز و التفرد في نشر قيم الخير و السلام في كل مكان أو زمان و أين ما حل و ارتحل و تصحيح الاخطاء التي ارتكبها أثناء مراحل التيه لينشد بنفسه الخلاقة نشوة الانتصار و نشوة الاستفادة من الاخطاء و ينشد التغيير الاسمى في قوة الايمان و ايمان القوة و هذا هو المفهوم الحقيقي لبداية جديدة في لحظات الشك و التردد و الخوف و تغييره الى الجرأة و الاستجابة في اخذ القرار وقد ورد في الصفحة 291 ( من قلب التيه يولد النور أرأيت ؟ قد تحجب الغيوم أشعة الشمس لبعض الوقت، لكن العبرة بالخواتيم، الغيوم تمضي في النهاية والشمس تبقى في مكانها). و ظهور وصف نور الطفلة البريئة في الاحداث الدامية هو رسالة خفية تظهر أن بحث الانسان عبر مسيرته عن نور بداخل كل انسان يكون عنوانا للحقيقة المنشودة

وتتوالى أحداث الرواية في كشف الرحلة و الحقائق الى نهايتها و البوح بالحقائق الخفية التي واكبت الرحلة و الاعلان عن الحقيقة للعودة بطرح التساؤل الكبير الذي يخوضه كل انسان حامل لأوجاع الزمان و المكان :

(من أنا؟) أنا انسان لا أكثر ولا أقل لن يجيب أحد عن سؤالك غيرك ولن تملا فراغ روحك إلا بما وصلت اليه بإيمانك.

و في نهاية الرواية يبدو للقارئ اكتشاف الحقائق و تجليها عاقدا العزم على تحقيق النهاية لكن سرعان ما تبدو هده النهاية بدايات جديدة للتساؤل في شخوص المقبرة التي عثر عليها أنها لم تكشف تحقيقاتها عن وفاة الطبيب صاحب الرحلة للخلاص فتنتج نسجا جديدا لخيال الانسان في تساؤلات أخرى قد تبدو بداية رحلة بحث جديدة .

قراءة للأستاذة : رجاء اتباتو … ثانوية واد المخازن بمكناس.

الأحداث24 دائما في قلب الحدث .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!